السؤال:
السلام عليكم..
جزاكم الله خيرا على جهودكم.
عمري٣٠ سنة، كنت في صغري خجولا بشكل غير طبيعي, والدي كان لامباليا وقاسيا، وكان يطردني ويدعو عليّ لأتفه الأسباب, ويضرب أمي ويطردها وسبب لي عقدا كثيرة, وأصبحت أحتقر نفسي, فكنت بمجرد أن ينظر إليّ أي شخص أصاب بالتوتر الشديد والخجل، وبعد انتقالي للثانوية وقعت في العادة السرية، وأدمنت عليها، وكان الجهل والخجل يمنعانني من السؤال، وبقيت على هذا فترة طويلة.
وفي الجامعة زادت عداوتي لأبي الذي اضطهدني، وتشاجرت معه كثيرا حتى يسمح لأخواتي بالزواج، وبعد عناء طويل تزوجن، مع العلم أني أكبر إخوتي، واستمر أبي في الاعتداء على أمي، وأصبحت أعيش على وقع انتظار المشاكل يوميا، وأنظر للدنيا على أنني ولدت لأشقى، وأبحث عن الراحة مع رفاق السوء، وأشرب الدخان وألعب القمار، وأمارس العادة السرية، وهذ ما زاد وضعي تعقيدا، وبعد فترة أصبحت غير قادر على الزواج بسببها، وانهارت صحتي ونفسيتي، فهداني الله تعالى للصلاة، وحاولت الاستقامة، لكن هذه الورطة حولت حياتي إلى جحيم، فأسرتي ومحيطي يطلبون مني الزواج، وكلما فكرت أني لا أستطيع الزواج أفقد صوابي، وأتسخط على نفسي ووالدي.
انهارت صحتي، ونقص وزني بشكل رهيب، وفي الآونة الأخيرة أصبحت تنتابني نوبات من ضيق الصدر، وصعوبة بالغة في التنفس، يزيد وقتها يوما بعد يوم، وأصبحت أصاب بالهلع بمجرد أن ينظر إلي أي شخص أو يحدثني، وتسلطت علي الوساوس من كل جهة، ولم أعد أصلح للقيام بأي عمل أو عبادة، أفكر وأتحسر على حالتي كثيرا، وصرت أظن أن الله خلقني ليعذبني في الدنيا والآخرة، فهل من علاج لحالتي؟ وخاصة الهلع ونوبات صعوبة التنفس التي أصبحت تلازمني كثيرا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جعفر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مما لا شك فيه أنك تعرَّضت لطفولة صعبة خاصة من ناحية تعامل الوالد، ولكن ثق –يا أخي الكريم–في كثير من الأحيان هذه الأشياء تُقوِّ الشخص ولا تُضعفه، والحمد لله اجتزتَ معظم هذه الأشياء –كما ذكرتَ– والآن أنت على أعتاب الزواج.
الشيء المهم: الحمد لله أنك تبتَ وتوقفتَ عن الفواحش –كما ذكرتَ– والقمار وهذه الأشياء.
لم يتبيَّن لي كيف أن إدمان العادة السرية أضعف قدرتك الجنسية، لم يتضح لي هذا من استشارتك، ولكن على أي حال: كثير من الناس الذين يُدمنون على العادة السرية عندما يتوقفون منها تعود إليهم حياتهم الجنسية الطبيعية، والمهم –يا أخي الكريم– أنك لم تتزوج، فممارساتك الجنسية كلها كانت غير طبيعية وخاطئة، وقد عالجتُ كثيرًا من المرضى، كانت المشكلة الرئيسية هي مشكلة نفسية، اعتقادهم أنهم لم يستطيعوا أن ينجحوا في حياتهم الجنسية مع زوجاتهم، لأنهم اعتادوا على ممارسة هذه الأشياء لفترة طويلة، فهذا موضوع نفسي محض، ويمكن التغلب عليه بالعلاج النفسي.
فأنت –يا أخي الكريم– تحتاج إلى علاج نفسي وتحتاج إلى فحص من قِبل الطبيب، فحص نفسي، ليتأكد أنك سليم من الناحية الجنسية –وأحسبُ ذلك– وكل الموضوع هو موضوع نفسي محض، والأسباب النفسية من أكثر المشاكل التي ترتبط بضعف الانتصاب والشعور بالبرود الجنسي أو عدم القدرة على الأداء الجنسي.
فعلاجك –يا أخي الكريم– هو علاج نفسي، تحتاج إلى جلسات نفسية لكي تتعلم الاسترخاء، وهذا يساعدك أيضًا في نوبات الهلع وصعوبة التنفس، كل هذه أعراض قلق وتوتر نفسي وخوف، وتحتاج إلى علاج نفسي لمساعدتك من هذه الأعراض ولمساعدتك في موضوع التخلص من العادة السرية، ومساعدتك أيضًا في التعامل مع مشاعر الحمق والغضب تجاه والدك، وهي ما زالتْ موجودة، تحتاج أيضًا لعلاج نفسي للتعامل مع هذه الأشياء، لأنها أيضًا قد تؤثِّر عليك، وقد تكون بطريقة غير مباشرة هي سبب لخوفك من الإقدام على الزواج.
إذًا أنت تحتاج لمعالج نفسي لكي يساعدك في كل هذه المحاور.
وفقك الله وسدد خطاك.
_______________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ أحمد عبد العزيز -استشاري الطب النفسي وطب الإدمان-.
وتليها إجابة الشيخ الدكتور/ عقيل المقطري -مستشار العلاقات الأسرية والتربوية -.
_______________________________________
فهنالك من الآباء من يسيء التعامل مع أبنائه، ويتعامل معهم بقسوة شديدة، وأسباب ذلك تختلف من أب لآخر.
وبالمقابل هنالك من يترك لأبنائه الحبل على الغارب ظنا منه أن تلك هي التربية الصحيحة، أو أنه غارق بمشاكله، وليس عنده وقت لتوجيه أبنائه أو تربيتهم، أو أنه مبتلى برفقاء السوء والمخدرات وما شاكل ذلك.
وهنالك آباء توزنوا في حياتهم، وأحسنوا تربية أبنائهم، وهذا لا يعني أنهم لا يستعملون القسوة في بعض المواطن إن اقتضى الأمر.
مهما فعل والدك ومهما قسى عليك فسيبقى أبا لك، ويجب عليك أن تتعامل معه بالحسنى، ولا تقابله بقسوة مثل ما فعل معك، فالله تعالى قد أمر الأبناء أن يحسنوا إلى آبائهم كونهم اتصفوا بالأبوة وليس لصفة أخرى، وقرن الإحسان إليهم بتوحيده وعبادته التي هي أعظم مأمور به للتنبيه على عظمة حق الوالدين فقال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ )، وقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
ما فعلته بنفسك من شرب الدخان والعادة السرية والقمار وغير ذلك لا علاقة لوالدك بذلك، بل أنت سقت نفسك بنفسك إليها، وأعانك عليها، والله تعالى يقول: (بَلِ الْإِنسَانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)، ومن رحمة الله بعباده أن بين لهم سبيل الخير والشر، وأمرهم أن يسلكوا سبيل الخير، وأن يبتعدوا عن سبيل الشر، فقال تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، وقال: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ).
لقد أحسنت حين ضغطت على والدك بتزويج أخواتك، وإن كان أسلوبك فيه شيء من الغلظة، فتزويجهن هو السبيل الأمثل للانتقال من تلك البيئة المتوترة، ولأنهن لا يقدرن على الصبر على تلك الحال، والزواج أحفظ لهن من الانحراف فكتب الله أجرك.
تسلطه على والدتك هو من سيحاسب عليه بين يدي الله تعالى، ولكن مع هذا اعتبر بصبر والدتك وتجلدها على تحمل كل ما يصدر من والدك، فاتخذها مثلا وقدوة في مواجهة هذه الحياة المليئة بالأنكاد والأكدار.
الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، فلو أنك توجه والدك برفق ولين، وتذكره بالله وبالموت والجنة والنار، فلعله يتعظ ويتذكر ويستقيم حاله.
كان من المفترض أن تخرج من رحم المعاناة رجلا سويا ذا همة عالية، فأكثر من غير العالم ووضع بصماته في هذه الحياة باكتشافاته واختراعه هم من الناس الذين عانوا في صغرهم كثيرا، لكنهم اتخذوا من تلك المعاناة منطلقا نحو التميز، ولك أن تقرأ في التاريخ لتعرف من هم الذين اخترعوا الأشياء التي غيرت العالم بأسره.
أنت لم تخلق لتشقى، بل خلقت لتَسْعَدَ وتُسْعِد، ولكنك مشيت في طريق الشقاء بنفسك، ولم يجبرك أحد على ذلك، وبإمكانك الآن أن تغير من مجريات حياتك نحو الأفضل، فلم يَفُتْكَ القطار بعد، ولقد كنت خطوت خطوات في تلك الطريق بابتدائك بالصلاة، وآمل أن تكون ملازما لها وعازما على إصلاح نفسك أكثر.
طريق الشقاء والاكتئاب وضَنَكِ العيش يكمن في الإعراض عن دين الله، وعدم امتثال أوامره، والوقوع في نواهيه، كما قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ).
لا يمكن أن تجد سعادة مع رفقاء السوء، بل إن وجدت شيئا من الراحة فهي آنية وزائفة تعقبها حسرات وكمد وضيق صدر وقلق واكتئاب.
لا تجعل الماضي يكبلك ويقعدك في حلقة مفرغة، فالماضي جعل للعبرة وأخذ الدروس كي لا يقع الإنسان بنفس الأخطاء التي وقع فيها هو أو غيره.
يجب عليك أن تنظر إلى المستقبل وتخطط لنفسك لتكون مؤثرا في هذه الحياة وتظهر بصماتك عليها.
أرى أن تزور طبيبا مختصا بالذكورة، وتشكو له حالتك، فما من داء إلا وأنزل له دواء، ولا تعط نفسك الرسائل السلبية بأنك صرت لا تصلح للزواج، فلعلك تعاني من بعض الضعف وأسباب نفسية أخرى يمكن التعافي منها بإذن الله بواسطة بعض العقاقير التي سيقررها لك الطبيب المختص.
تب إلى الله واستغفره من الذنوب التي كنت ترتكبها، واجعل توبتك نصوحا، ومن شروطها: الإقلاع عن ارتكاب الذنب، والندم على ما فعلت، والعزم على ألا تعود مرة أخرى.
الجأ الى مولاك الرحيم، وانطرح ببابه، واذرف الدمع في عتباته، وسله أن يتوب عليك من كل ما فرطت فيه في جنب الله تعالى، وتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرزقك الاستقامة، وأن يصلح حالك، ويلهمك رشدك، فإن صدقت الله صدقك، وإن طلبت الوصل وصلك.
حافظ على الصلوات الخمس، وأدها مع جماعة المسلمين، وأكثر من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم، وحافظ على اذكار اليوم والليلة تزل نوبات ضيق الصدر عندك، ويحل بدلها انشراح الصدر والطمأنينة والحياة الطيبة، واسمع إلى كلام الله حيث يقول: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، ويقول: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، فذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
نتائج الرسائل السلبية سيئة للغاية، فالعقل يتبرمج بموجبها، ومن الرسائل السلبية التي ترسلها لنفسك أنك لا تصلح للقيام بأي عمل أو عبادة، وأن الله خلقك ليعذبك في الدنيا والآخرة، وأنك صرت لا تصلح للزواج، والصحيح أنك تصلح للقيام بكل المهام، بل بالمهام الصعبة والصعبة جدا، وما تحتاجه فقط هو أن تستنهض قواك الكامنة، وأن تستخرجها، وسترى كيف تتفجر طاقاتك وإبداعاتك، وحينئذ ستتعجب كيف خرجت منك تلك الطاقات، وكيف صدرت منك تلك الأعمال، بل أتوقع أنك ستتحسر على العمر الذي مضى دون إبداع وستجد للعيش لذة ما بعدها لذة.
لا تعر التفات الناس إليك أي اهتمام؛ فنظراتهم طبيعية جدا، وتعامل مع الناس بأريحية، وعش حياتك بشكل اعتيادي كبقية الناس، ولا تجعل نظراتهم تسيطر عليك، أو تؤثر فيك، فما منا من أحد إلا والناس ينظرون إليه وهو ينظر إلى غيره.
العيش بجوار الله راحة وسعادة وطمأنينة، والعيش بعيدا عن الله ضَنَكٌ وبُؤْسٌ وشقاء، ولذلك قال بعض الصالحين: (من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد).
نسعد كثيرا بتواصلك في أي وقت، ونسأل الله تعالى أن يخرج من وضعك منتصرا على نفسك والشيطان، ورفقاء السوء، ونسأل الله أن يسمعنا عنك خيرا.
والله الموفق.
السلام عليكم..
جزاكم الله خيرا على جهودكم.
عمري٣٠ سنة، كنت في صغري خجولا بشكل غير طبيعي, والدي كان لامباليا وقاسيا، وكان يطردني ويدعو عليّ لأتفه الأسباب, ويضرب أمي ويطردها وسبب لي عقدا كثيرة, وأصبحت أحتقر نفسي, فكنت بمجرد أن ينظر إليّ أي شخص أصاب بالتوتر الشديد والخجل، وبعد انتقالي للثانوية وقعت في العادة السرية، وأدمنت عليها، وكان الجهل والخجل يمنعانني من السؤال، وبقيت على هذا فترة طويلة.
وفي الجامعة زادت عداوتي لأبي الذي اضطهدني، وتشاجرت معه كثيرا حتى يسمح لأخواتي بالزواج، وبعد عناء طويل تزوجن، مع العلم أني أكبر إخوتي، واستمر أبي في الاعتداء على أمي، وأصبحت أعيش على وقع انتظار المشاكل يوميا، وأنظر للدنيا على أنني ولدت لأشقى، وأبحث عن الراحة مع رفاق السوء، وأشرب الدخان وألعب القمار، وأمارس العادة السرية، وهذ ما زاد وضعي تعقيدا، وبعد فترة أصبحت غير قادر على الزواج بسببها، وانهارت صحتي ونفسيتي، فهداني الله تعالى للصلاة، وحاولت الاستقامة، لكن هذه الورطة حولت حياتي إلى جحيم، فأسرتي ومحيطي يطلبون مني الزواج، وكلما فكرت أني لا أستطيع الزواج أفقد صوابي، وأتسخط على نفسي ووالدي.
انهارت صحتي، ونقص وزني بشكل رهيب، وفي الآونة الأخيرة أصبحت تنتابني نوبات من ضيق الصدر، وصعوبة بالغة في التنفس، يزيد وقتها يوما بعد يوم، وأصبحت أصاب بالهلع بمجرد أن ينظر إلي أي شخص أو يحدثني، وتسلطت علي الوساوس من كل جهة، ولم أعد أصلح للقيام بأي عمل أو عبادة، أفكر وأتحسر على حالتي كثيرا، وصرت أظن أن الله خلقني ليعذبني في الدنيا والآخرة، فهل من علاج لحالتي؟ وخاصة الهلع ونوبات صعوبة التنفس التي أصبحت تلازمني كثيرا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ جعفر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مما لا شك فيه أنك تعرَّضت لطفولة صعبة خاصة من ناحية تعامل الوالد، ولكن ثق –يا أخي الكريم–في كثير من الأحيان هذه الأشياء تُقوِّ الشخص ولا تُضعفه، والحمد لله اجتزتَ معظم هذه الأشياء –كما ذكرتَ– والآن أنت على أعتاب الزواج.
الشيء المهم: الحمد لله أنك تبتَ وتوقفتَ عن الفواحش –كما ذكرتَ– والقمار وهذه الأشياء.
لم يتبيَّن لي كيف أن إدمان العادة السرية أضعف قدرتك الجنسية، لم يتضح لي هذا من استشارتك، ولكن على أي حال: كثير من الناس الذين يُدمنون على العادة السرية عندما يتوقفون منها تعود إليهم حياتهم الجنسية الطبيعية، والمهم –يا أخي الكريم– أنك لم تتزوج، فممارساتك الجنسية كلها كانت غير طبيعية وخاطئة، وقد عالجتُ كثيرًا من المرضى، كانت المشكلة الرئيسية هي مشكلة نفسية، اعتقادهم أنهم لم يستطيعوا أن ينجحوا في حياتهم الجنسية مع زوجاتهم، لأنهم اعتادوا على ممارسة هذه الأشياء لفترة طويلة، فهذا موضوع نفسي محض، ويمكن التغلب عليه بالعلاج النفسي.
فأنت –يا أخي الكريم– تحتاج إلى علاج نفسي وتحتاج إلى فحص من قِبل الطبيب، فحص نفسي، ليتأكد أنك سليم من الناحية الجنسية –وأحسبُ ذلك– وكل الموضوع هو موضوع نفسي محض، والأسباب النفسية من أكثر المشاكل التي ترتبط بضعف الانتصاب والشعور بالبرود الجنسي أو عدم القدرة على الأداء الجنسي.
فعلاجك –يا أخي الكريم– هو علاج نفسي، تحتاج إلى جلسات نفسية لكي تتعلم الاسترخاء، وهذا يساعدك أيضًا في نوبات الهلع وصعوبة التنفس، كل هذه أعراض قلق وتوتر نفسي وخوف، وتحتاج إلى علاج نفسي لمساعدتك من هذه الأعراض ولمساعدتك في موضوع التخلص من العادة السرية، ومساعدتك أيضًا في التعامل مع مشاعر الحمق والغضب تجاه والدك، وهي ما زالتْ موجودة، تحتاج أيضًا لعلاج نفسي للتعامل مع هذه الأشياء، لأنها أيضًا قد تؤثِّر عليك، وقد تكون بطريقة غير مباشرة هي سبب لخوفك من الإقدام على الزواج.
إذًا أنت تحتاج لمعالج نفسي لكي يساعدك في كل هذه المحاور.
وفقك الله وسدد خطاك.
_______________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ أحمد عبد العزيز -استشاري الطب النفسي وطب الإدمان-.
وتليها إجابة الشيخ الدكتور/ عقيل المقطري -مستشار العلاقات الأسرية والتربوية -.
_______________________________________
فهنالك من الآباء من يسيء التعامل مع أبنائه، ويتعامل معهم بقسوة شديدة، وأسباب ذلك تختلف من أب لآخر.
وبالمقابل هنالك من يترك لأبنائه الحبل على الغارب ظنا منه أن تلك هي التربية الصحيحة، أو أنه غارق بمشاكله، وليس عنده وقت لتوجيه أبنائه أو تربيتهم، أو أنه مبتلى برفقاء السوء والمخدرات وما شاكل ذلك.
وهنالك آباء توزنوا في حياتهم، وأحسنوا تربية أبنائهم، وهذا لا يعني أنهم لا يستعملون القسوة في بعض المواطن إن اقتضى الأمر.
مهما فعل والدك ومهما قسى عليك فسيبقى أبا لك، ويجب عليك أن تتعامل معه بالحسنى، ولا تقابله بقسوة مثل ما فعل معك، فالله تعالى قد أمر الأبناء أن يحسنوا إلى آبائهم كونهم اتصفوا بالأبوة وليس لصفة أخرى، وقرن الإحسان إليهم بتوحيده وعبادته التي هي أعظم مأمور به للتنبيه على عظمة حق الوالدين فقال تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ )، وقال: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا).
ما فعلته بنفسك من شرب الدخان والعادة السرية والقمار وغير ذلك لا علاقة لوالدك بذلك، بل أنت سقت نفسك بنفسك إليها، وأعانك عليها، والله تعالى يقول: (بَلِ الْإِنسَانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ)، ومن رحمة الله بعباده أن بين لهم سبيل الخير والشر، وأمرهم أن يسلكوا سبيل الخير، وأن يبتعدوا عن سبيل الشر، فقال تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا)، وقال: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ).
لقد أحسنت حين ضغطت على والدك بتزويج أخواتك، وإن كان أسلوبك فيه شيء من الغلظة، فتزويجهن هو السبيل الأمثل للانتقال من تلك البيئة المتوترة، ولأنهن لا يقدرن على الصبر على تلك الحال، والزواج أحفظ لهن من الانحراف فكتب الله أجرك.
تسلطه على والدتك هو من سيحاسب عليه بين يدي الله تعالى، ولكن مع هذا اعتبر بصبر والدتك وتجلدها على تحمل كل ما يصدر من والدك، فاتخذها مثلا وقدوة في مواجهة هذه الحياة المليئة بالأنكاد والأكدار.
الرفق ما كان في شيء إلا زانه، وما نزع من شيء إلا شانه، فلو أنك توجه والدك برفق ولين، وتذكره بالله وبالموت والجنة والنار، فلعله يتعظ ويتذكر ويستقيم حاله.
كان من المفترض أن تخرج من رحم المعاناة رجلا سويا ذا همة عالية، فأكثر من غير العالم ووضع بصماته في هذه الحياة باكتشافاته واختراعه هم من الناس الذين عانوا في صغرهم كثيرا، لكنهم اتخذوا من تلك المعاناة منطلقا نحو التميز، ولك أن تقرأ في التاريخ لتعرف من هم الذين اخترعوا الأشياء التي غيرت العالم بأسره.
أنت لم تخلق لتشقى، بل خلقت لتَسْعَدَ وتُسْعِد، ولكنك مشيت في طريق الشقاء بنفسك، ولم يجبرك أحد على ذلك، وبإمكانك الآن أن تغير من مجريات حياتك نحو الأفضل، فلم يَفُتْكَ القطار بعد، ولقد كنت خطوت خطوات في تلك الطريق بابتدائك بالصلاة، وآمل أن تكون ملازما لها وعازما على إصلاح نفسك أكثر.
طريق الشقاء والاكتئاب وضَنَكِ العيش يكمن في الإعراض عن دين الله، وعدم امتثال أوامره، والوقوع في نواهيه، كما قال تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ).
لا يمكن أن تجد سعادة مع رفقاء السوء، بل إن وجدت شيئا من الراحة فهي آنية وزائفة تعقبها حسرات وكمد وضيق صدر وقلق واكتئاب.
لا تجعل الماضي يكبلك ويقعدك في حلقة مفرغة، فالماضي جعل للعبرة وأخذ الدروس كي لا يقع الإنسان بنفس الأخطاء التي وقع فيها هو أو غيره.
يجب عليك أن تنظر إلى المستقبل وتخطط لنفسك لتكون مؤثرا في هذه الحياة وتظهر بصماتك عليها.
أرى أن تزور طبيبا مختصا بالذكورة، وتشكو له حالتك، فما من داء إلا وأنزل له دواء، ولا تعط نفسك الرسائل السلبية بأنك صرت لا تصلح للزواج، فلعلك تعاني من بعض الضعف وأسباب نفسية أخرى يمكن التعافي منها بإذن الله بواسطة بعض العقاقير التي سيقررها لك الطبيب المختص.
تب إلى الله واستغفره من الذنوب التي كنت ترتكبها، واجعل توبتك نصوحا، ومن شروطها: الإقلاع عن ارتكاب الذنب، والندم على ما فعلت، والعزم على ألا تعود مرة أخرى.
الجأ الى مولاك الرحيم، وانطرح ببابه، واذرف الدمع في عتباته، وسله أن يتوب عليك من كل ما فرطت فيه في جنب الله تعالى، وتوسل إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يرزقك الاستقامة، وأن يصلح حالك، ويلهمك رشدك، فإن صدقت الله صدقك، وإن طلبت الوصل وصلك.
حافظ على الصلوات الخمس، وأدها مع جماعة المسلمين، وأكثر من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم، وحافظ على اذكار اليوم والليلة تزل نوبات ضيق الصدر عندك، ويحل بدلها انشراح الصدر والطمأنينة والحياة الطيبة، واسمع إلى كلام الله حيث يقول: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، ويقول: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
الزم الاستغفار، وأكثر من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، فذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، يقول نبينا عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
نتائج الرسائل السلبية سيئة للغاية، فالعقل يتبرمج بموجبها، ومن الرسائل السلبية التي ترسلها لنفسك أنك لا تصلح للقيام بأي عمل أو عبادة، وأن الله خلقك ليعذبك في الدنيا والآخرة، وأنك صرت لا تصلح للزواج، والصحيح أنك تصلح للقيام بكل المهام، بل بالمهام الصعبة والصعبة جدا، وما تحتاجه فقط هو أن تستنهض قواك الكامنة، وأن تستخرجها، وسترى كيف تتفجر طاقاتك وإبداعاتك، وحينئذ ستتعجب كيف خرجت منك تلك الطاقات، وكيف صدرت منك تلك الأعمال، بل أتوقع أنك ستتحسر على العمر الذي مضى دون إبداع وستجد للعيش لذة ما بعدها لذة.
لا تعر التفات الناس إليك أي اهتمام؛ فنظراتهم طبيعية جدا، وتعامل مع الناس بأريحية، وعش حياتك بشكل اعتيادي كبقية الناس، ولا تجعل نظراتهم تسيطر عليك، أو تؤثر فيك، فما منا من أحد إلا والناس ينظرون إليه وهو ينظر إلى غيره.
العيش بجوار الله راحة وسعادة وطمأنينة، والعيش بعيدا عن الله ضَنَكٌ وبُؤْسٌ وشقاء، ولذلك قال بعض الصالحين: (من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد).
نسعد كثيرا بتواصلك في أي وقت، ونسأل الله تعالى أن يخرج من وضعك منتصرا على نفسك والشيطان، ورفقاء السوء، ونسأل الله أن يسمعنا عنك خيرا.
والله الموفق.
اسلام ويب أستشارات طبية
هنا طبيبك
0 التعليقات:
إرسال تعليق